سورة المائدة - تفسير تفسير القشيري

/ﻪـ 
البحث:

هدايا الموقع

هدايا الموقع

روابط سريعة

روابط سريعة

خدمات متنوعة

خدمات متنوعة
تفسير السورة  
الصفحة الرئيسية > القرآن الكريم > تفسير السورة   (المائدة)


        


قوله جلّ ذكره: {وَإِذْ قَالَ مُوسَى لِقَوْمِهِ يَاقَوْمِ اذْكُرُوا نِعْمَةَ اللَّهِ عَلَيْكُمْ إِذْ جَعَلَ فِيكُمْ أَنبِيَآءَ}.
كان الأمر لبني إسرائيل- على لسان نَبِيِّهم- بأن يتذكروا نعمة الله عليهم، وكان الأمر لهذه الأمة- بخطاب الله لا على لسان مخلوق- بأن يذكروه فقال: {فَاذْكُرُونِى أَذْكُرْكُمْ} [البقرة: 152] وشتان بين من أمره بذكره- سبحانه- وبين من أمره بذكر نعمته! ثم جعل جزاءَهم ثوابَه الذي هو فضله، وجعل جزاء هذه الأمة خطابه الذي هو قوله تعالى: {فَاذْكُرُونِى أَذْكُرْكُمْ} [البقرة: 152].
قوله جلّ ذكره: {وَجَعَلَكُم مُّلُوكًا}.
المَلِكُ مِنَ المخلوقين مَنْ عَبَدَ المَلِكَ الحقيقي.
ويقال المَلِكُ مَنْ مَلَكَ هواه، والعبد من هو في رِقِّ شهواته.
ويقال: {وَجَعَلَكُم مُّلُوكًا}: لم يخرجكم إلى أمثالكم، ولم يحجبكم عن نفسه بأشغالهم، وسَهَّلَ إليه سبيلَكم في عموم أحوالِكم.
قوله جلّ ذكره: {وَآتَاكُم مَّا لَمْ يُؤْتِ أَحَدًا مِّنَ العَالَمِينَ}.
لئن آتي بني إسرائيل بمقتضى جوده فقد أغنى عن الإيتاء هذه الأمة فاستقلوا بوجوده، والاستقلال بوجوده أتمَّ من الاستغناء بمقتضى جوده.


قوله جلّ ذكره: {يَاقَوْمِ ادْخُلُوا الأَرْضَ المُقَدَّسَةَ الَّتِى كَتَبَ اللَّهُ لَكُمْ}.
من الفرق بين هذه الأمة وبين بني إسرائيل أنه أباح لهم دخولَ الأرض المقدسة على الخصوص فقال: {يَا قَوْمِ ادْخُلُوا الأَرْضَ المُقَدَّسَةَ الَّتِى كَتَبَ اللهُ لَكُمْ} ثم إنهم لم يدخلوها إلا بعد مدة، وبعد جهد وشدة، وقال في شأن هذه الأمة: {وَلَقَدْ كَتَبْنَا فِى الزَّبُورِ مِن بَعْدِ الذِّكْرِ أَنَّ الأَرْضَ يَرِثُهَا عِبَادِىَ الصَّالِحُونَ} [الأنبياء: 105] فأولئك كتب لهم دخول الأرض كتابةَ تكليف ثم قصروا، وهذه الأمة كتب لهم جميع الأرض على جهة التشريف، ثم وصلوا إلى ما كتب لهم وما قصروا.
وقال: {ادْخُلُوا الأَرْضَ المُقَدَّسَةَ} وقال لهذه الأمة: {هُوَ الَّذِى جَعَلَ لَكُمُ الأَرْضَ ذَلُولاً فَامْشُوا فِى مَنَاكِبِهَا وَكُلُوا مِن رِّزْقِهِ} [الملك: 15] فهؤلاء ذلَّل لهم وسهَّل عليهم، وأولئك صعَّب عليهم الوصول إلى ما أمرهم فيما أنزل الله عليهم.
قوله جلّ ذكره: {وَلاَ تَرْتَدُّوا عَلَى أَدْبَارِكُمْ فَتَنقَلِبُوا خَاسِرِينَ}.
الارتداد على قسمين: عن الشريعة وإقامة العبودية وذلك يوجب عقوبة النفوس بالقتل، وعن الإرادة وذلك يوجب الشِّقْوَة- التي هي الفراق- على القلوب.


لاحظوا الأغيار بعين الحسبان فتوهموا أن شيئاً من الحدثان، وداخلتهم هواجمُ الرعبِ فأصروا على ترك الأمر. ومَنْ طالع الأغيار بأنوار البصائر شاهدهم في أَسْرِ التقدير قوالبَ متعريةً عن إمكان الإيجاد، ولم يقع على قلبه ظلُّ التُّوهم.

3 | 4 | 5 | 6 | 7 | 8 | 9 | 10